اسلاميات

عشر ذي الحجة فضلها والعمل فيها

الحمد لله الذي خلق الزمان وفضّل بعضه على بعض فخصّ بعض الشّهور والأيّام والليالي بمزايا وفضائل يُعظم فيها الأجر، ويَكثر الفضل رحمة منه بالعباد ليكون ذلك عْوناً لهم على الزيادة في العمل الصالح والرغبة في الطاعة، وتجديد النشاط ليحظى المسلم بنصيب وافر من الثواب،ومن ذلك سوف نتحدث عن ايام لعشر من ذى الحجه وهم من افضل الايام الذي نمر بها ونقدم لكم من جديد في موقعنا”لحظات”

أيام عشر ذي الحجة، فضلها،

من نعم الله تعالى على المسلمين توالي مواسم الخيرات؛ فمن فاته موسم عوضه بآخر، ومن أحسن في موسم زاد إليه إحسانًا في موسم آخر؛ باغتنام الخيرات، والإكثار من فعل الطاعات، واكتساب الحسنات، لنيل الرفعة في الدرجات، وتكفير الخطايا والسيئات، عن محمد بن مسلمة أنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (إِنَّ لِلَّهِ فِي أَيَّامِ الدَّهْرِ نَفَحَاتٍ فَتَعَرَّضُوا لَهَا، فَلَعَلَّ أَحَدَكُمْ أَنْ تُصِيبَهُ نَفْحَةٌ فَلاَ يَشْقَى بَعْدَهَا أَبَدًا) أخرجه الطّبراني.

ومن تلك المواسم: أيام عشر ذي الحجة، والتي تأتي بعد شهر رمضان، وست شوال.
فهي نعمة من الله تعالى ينبغي اغتنامها وعدم التفريط فيها، وقد كان السلف _رحمهم الله_ يعرفون لهذه المواسم فضلها، فعن أبي عثمان النَّهدي قال: كانوا يُعظِّمون ثلاث عشرات: العشر الأول من المحرم، والعشر الأول من ذي الحجة، والعشر الأخير من رمضان”.
وأخرج الدارمي أنَّ سعيد بن جبير كان “إذا دخل أيام العشر اجتهد اجتهادًا شديدًا حتى ما يكاد يقدر عليه”.

وردت في فضل أيام عشر ذي الحجة نصوص :

1_ أنَّ الله تعالى أقسم بها، ولا يقسم الله إلا بما له أهمية ومكانة؛ للدلالة على عظمته(*)، قال تعالى: {وَالْفَجْرِ (1) وَلَيَالٍ عَشْرٍ}[الفجر: 1_2].
قال ابن كثير _رحمه الله_ في “تفسيره”: “والليالي العشر المراد بها عشر ذي الحجة كما قاله ابن عباس وابن الزبير ومجاهد وغير واحد من السلف والخلف”.
2_ أنها الأيام المعلومات التي شُرع فيها ذكر الله تعالى: {وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ } [الحج:28]، كما ذهب إلى ذلك جمهور أهل العلم، وهو الراجح. في حين ذهب فريق من أهل العلم إلى أنها أيام النحر (**).
3_ أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم شهد بفضلها على كثير من الأعمال:
فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ_رَضِيَ اللهُ عنهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهَا أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ الأَيَّامِ، [يَعْنِى أَيَّامَ الْعَشْرِ]. قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ: وَلاَ الْجِهَادُ في سَبِيلِ اللَّهِ؟ قَالَ: وَلاَ الْجِهَادُ في سَبِيلِ اللَّهِ، إِلاَّ رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيءٍ) رواه أبو داود، والترمذي.
قال الملا علي القاري في “مرقاة المفاتيح”: “(لم يرجع من ذلك) أي مما ذكر من نفسه وماله (بشيء) أي صرف ماله ونفسه في سبيل الله، وقال ابن الملك: يعني أخذ ماله وأريق دمه في سبيل الله، فهذا الجهاد أفضل وأحب إلى الله تعالى من الأعمال في هذه الأيام لأن الثواب بقدر المشقة”.
4_ أنَّ فيها يوم عرفة :
وهو يوم الحج الأكبر، ويوم مغفرة الذنوب، ويوم العتق من النيران، ومن فضائله:
أ / أنَّه اليوم الذي أكمل الله فيه الملة، وأتم به النعمة، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ: “أَنَّ رَجُلًا مِن الْيَهُودِ قَالَ لَهُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، آيَةٌ فِي كِتَابِكُمْ تَقْرَؤُنَهَا، لَوْ عَلَيْنَا مَعْشَرَ الْيَهُودِ نَزَلَتْ لَاتَّخَذْنَا ذَلِكَ الْيَوْمَ عِيدًا، قَالَ: أَيُّ آيَةٍ؟ قَالَ: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الْإِسْلَامَ دِينًا}، قَالَ عُمَرُ: قَدْ عَرَفْنَا ذَلِكَ الْيَوْمَ، وَالْمَكَانَ الَّذِي نَزَلَتْ فِيهِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ قَائِمٌ بِعَرَفَةَ يَوْمَ جُمُعَة) متفق عليه.
ب / صيامه يُكفِّر السنة الماضية والسنة القابلة، قال صلى الله عليه وسلم: (صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتي قَبْلَهُ وَالسَّنَةَ الَّتي بَعْدَهُ) رواه مسلم.
وهذا الصيام لغير الحاج، وأما الحاج فلا يسن له صيام يوم عرفة؛ ليتقوى على العبادة.
فقد روى عُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (يَوْمُ عَرَفَةَ وَيَوْمُ النَّحْرِ وَأَيَّامُ التَّشْرِيقِ عِيدُنَا أَهْلَ الإِسْلاَمِ وَهِي أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ) رواه أبو داود، والترمذي وأحمد.
قال ابن حجر _رحمه الله_ في “فتح الباري”: “حمله بعضهم على أهل الموقف، وهو الأصح؛ لأنه اليوم الذي فيه أعظم مجامعهم ومواقفهم، بخلاف أهل الأمصار؛ فإن اجتماعهم يوم النحر، وأما أيام التشريق: فيشارك أهل الأمصار أهل الموسم فيها؛ لأنها أيام ضحاياهم وأكلهم من نسكهم، هذا قول جمهور العلماء”.
ج / عظم الدعاء يوم عرفة، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (خَيْرُ الدُّعَاءِ دُعَاءُ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَخَيْرُ مَا قُلْتُ أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِي: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ، وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) رواه الترمذي.
قال المباركفوري _رحمه الله_ في “تحفة الأحوذي”: “لِأَنَّهُ أَجْزَلُ إِثَابَةً وَأَعْجَلُ إِجَابَةً”.
د / كثرة العتق من النار في يوم عرفة، قَالَتْ عَائِشَةُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: (مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يُعْتِقَ اللَّهُ فِيهِ عَبْدًا مِنَ النَّارِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ) رواه مسلم.
هـ / مباهاة الله بأهلِ عرفة أهلَ السماء، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ: (إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُبَاهِي مَلَائِكَتَهُ عَشِيَّةَ عَرَفَةَ بِأَهْلِ عَرَفَةَ فَيَقُولُ: انْظُرُوا إِلَى عِبَادِي أَتَوْنِي شُعْثًا غُبْرًا) رواه أحمد.
و(شُعْثًا): أي شعورهم غير نظيفة، ولا مرجَّلة. و(غُبْرًا): شعوهم وملابسهم متسخة ومليئة بالغبار، وذلك من أثر السفر.
5_ ومن فضائل العشر أنَّ فيها يوم النحر :
فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُرْطٍ عَنِ النَّبِي -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: (إِنَّ أَعْظَمَ الأَيَّامِ عِنْدَ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَوْمُ النَّحْرِ، ثُمَّ يَوْمُ الْقَرِّ) رواه أبو داود، وأحمد.
و(يَوْمُ الْقَرِّ) هو اليوم الحادي عشر، سمي بذلك لأن الناس يقرون فيه بمنى، أي يقيمون.
6_اجتماع أمهات العبادة في هذه الأيام العشر :
قال الحافظ ابن حجر في الفتح: “والذي يظهر أنَّ السبب في امتياز عشر ذي الحجة لمكانِ اجتماعِ أمهاتِ العبادة فيه، وهي الصلاة والصيام والصدقة والحج، ولا يتأتَّى ذلك في غيره”.
7_ ومن فضائلها أنَّ فيها صلاة عيد الأضحى، وهي من شعائر الإسلام الظاهرة.
فضل العمل في عشر ذي الحجة:
دل قوله صلى الله عليه وسلم: (مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهَا أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ الأَيَّامِ) على أنَّ:

كلّ عملٍ صالحٍ يقع في أيام عشر ذي الحجة أحبّ إلى الله تعالى من العمل نفسه إذا وقع في غيرها، وإذا كان العمل فيهن أحب إلى الله فهو أفضل عنده.
العامل في هذه العشر أفضل من المجاهد في سبيل الله الذي رجع بنفسه وماله.
الأعمال الصالحة في عشر ذي الحجة تضاعف من غير استثناء شيء منها.

ومن الأعمال التي يستحب للمسلم أن يحرص عليها :

1_ الحج:
وهو أفضل ما يعمل في عشر ذي الحجة، ومن يسر الله له حج بيته أو أداء العمرة على الوجه المطلوب فجزاؤه الجنة.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ _رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ_ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَنْ حَجَّ هَذَا الْبَيْتَ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ رَجَعَ كَمَا وَلَدَتْهُ أُمُّهُ) متفق عليه.
وعَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (الْعُمْرَةُ إِلَى الْعُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا، وَالْحَجُّ الْمَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلَّا الْجَنَّةُ) متفق عليه.
والحج المبرور: هو الحج الموافق لهدي النبي صلى الله عليه وسلم، الذي لم يخالطه إثم من رياء أو سمعة أو رفث أو فسوق، المحفوف بالصالحات والخيرات.
أيهما أفضل: الجهاد أم الحج؟
ورد في الحديث تقديم الحج على الجهاد، لكن يتقدم الجهاد على الحج في مواضع:

أن يكون الحج نافلة؛ لأن الحج أجره خاص بالحاج نفسه، والجهاد أجره متعد إلى الأمة كلها.
إذا كان الجهاد لدفع العدو الصائل المعتدي، ولو كان الحج حج فريضة.
قال الحطَّاب _رحمه الله_ في “مواهب الجليل”: “وَهَذَا كُلُّهُ فِيمَا إذَا لَمْ يَجِب الْجِهَادُ عَلَى الْأَعْيَانِ بِأَنْ يَفْجَأَ الْعَدُوُّ مَدِينَةَ قَوْمٍ فَإِنْ وَجَبَ فَلَا شَكَّ فِي تَقْدِيمِهِ”.
إذا ترتب على الجهاد مصلحة أعظم من مصلحة الحج، حتى لو كان الحج فرضًا.وحكم الإنفاق على الجهاد مثل حكم الجهاد بالنفس في التقديم على الإنفاق على الحج.

2_ الصيام :
عَنْ بَعْضِ أَزْوَاجِ النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَصُومُ تِسْعَ ذي الْحِجَّةِ وَيَوْمَ عَاشُورَاءَ وَثَلاَثَةَ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ أَوَّلَ اثْنَيْنِ مِنَ الشَّهْرِ وَالْخَمِيسَ) رواه أبو داود، وأحمد.
وأفضلها صيام يوم عرفة؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: (صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتي قَبْلَهُ وَالسَّنَةَ الَّتي بَعْدَهُ) رواه مسلم، وهذا لغير الحاج وأما الحاج فلا يسن له صيام يوم عرفة ليتقوى به على العبادة.
قال النووي _رحمه الله_ في “شرح صحيح مسلم”: ” والمراد بالعشر هنا الأيام التسعة من أول ذي الحجة قالوا وهذا مما يتأول فليس في صوم هذه التسعة كراهة بل هي مستحبة استحبابا شديدا”.
أما اليوم العاشر وهو يوم عيد الأضحى:
فلا يجوز صومه إجماعًا، فقد أجمع العلماء على تحريم صوم يومي العيدين، سواء أكان الصوم فرضا، أم تطوعا، فعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنَّه بَدَأَ بِالصَّلاَةِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ ثُمَّ قَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- نَهَى عَنْ صِيَامِ هَذَيْنِ الْيَوْمَيْنِ أَمَّا يَوْمُ الأَضْحَى فَتَأْكُلُونَ مِنْ لَحْمِ نُسُكِكُمْ وَأَمَّا يَوْمُ الْفِطْرِ فَفِطْرُكُمْ مِنْ صِيَامِكُمْ) رواه أبو داود، والترمذي، وأحمد.
3_ الصلاة :
فهي الصلة بين العبد وربه، وآكد ما ينبغي الاهتمام به الحفاظ على الصلوات المكتوبة في أوقاتها، ومع الجماعة، ثم التقرب إلى الله تعالى بالنوافل، فعن أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ اللَّهَ قَالَ (وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ) رواه البخاري.
4_ذكر الله تعالى:
بالتكبير والتحميد والتهليل والذكر وقراءة القرآن والدعاء، قال تعالى: {لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ } [الحج:28]
عَنْ ابْنِ عُمَرَ _رَضيَ اللهُ عنهما_ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (مَا مِنْ أَيَّامٍ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ وَلَا أَحَبُّ إِلَيْهِ الْعَمَلُ فِيهِنَّ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ الْعَشْرِ، فَأَكْثِرُوا فِيهِنَّ مِنْ التَّهْلِيلِ وَالتَّكْبِيرِ وَالتَّحْمِيدِ) رواه أحمد.
ثم كانت هذه سيرة السلف الصالح: فقد “كَانَ ابْنُ عُمَرَ وَأَبُو هُرَيْرَةَ يَخْرُجَانِ إِلَى السُّوقِ فِي أَيَّامِ الْعَشْرِ يُكَبِّرَانِ وَيُكَبِّرُ النَّاسُ بِتَكْبِيرِهِمَا” رواه البخاري.
وقال البخاري: ” وَكَانَ عُمَرُ _رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ_ يُكَبِّرُ فِي قُبَّتِهِ بِمِنًى فَيَسْمَعُهُ أَهْلُ الْمَسْجِدِ فَيُكَبِّرُونَ وَيُكَبِّرُ أَهْلُ الْأَسْوَاقِ حَتَّى تَرْتَجَّ مِنًى تَكْبِيرًا”.
5_ الصدقة :
وهي من جملة الأعمال الصالحة التي يستحب للمسلم الإكثار منها في هذه الأيام، وقد حث الله عليها فقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَنفِقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَّ بَيْعٌ فِيهِ وَلاَ خُلَّةٌ وَلاَ شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [البقرة:254].
وكلما كانت حاجة الناس إلى المال أشد كان الإنفاق في سبيل الله أفضل، وخاصة في أوقات الحروب والكوارث، وعظم المصائب؛ فإنها من الجهاد في سبيل الله تعالى.
6_ الأضحية:
عن عائشةَ _رضيَ اللهُ عنها_ أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: (مَا عَمِلَ آدميٌ مِن عَمَلٍ يومَ النَّحرِ أحبَّ إلى اللهِ مِن إِهراقِ الدَّم، إنَّها لتأتي يومَ القيامةِ بِقرونِها وأشعارِها وأظلافِها، وإنَّ الدَّمَ لَيَقعُ مِنَ الله بمكانٍ قَبلَ أن يَقَعَ منَ الأرض، فَطِيبوا بها نفسًا) رواه الترمذي.
كما يستحب القيام بالأعمال الصالحة المشروعة في كل وقت، من بر الوالدين، وصلة الرحم، والإصلاح بين الناس، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وحفظ اللسان والفرج، وغض البصر عن محارم الله ونحو ذلك.
قال البهوتي _رحمه الله_ في “كشاف القناع” : “ويستحب الاجتهاد في عمل الخير أيام عشر ذي الحجة من الذكر والصيام والصدقة وسائر أعمال البر؛ لأنها أفضل الأيام، لحديث ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من عشر ذي الحجة”.
أيها أفضل: عشر ذي الحجة أم عشر رمضان؟
أجاب عددٌ من أهل العلم عن هذا السؤال بإجابات مختلفة، ومن أفضها ما قاله ابن القيم _رحمه الله_ في “بدائع الفوائد”، حيث قال:
“سُئل شيخ الإسلام ابن تيمية عن مسائل عديدة من مسائل التفضيل فأجاب فيها بالتفصيل الشافي … ومنها أنه سُئل عن عشر ذي الحجة والعشر الأواخر من رمضان: أيهما أفضل؟
فقال: أيامُ عشر ذي الحجة أفضل من أيام العشر من رمضان، والليالي العشر الأواخر من رمضان أفضل من ليالي عشر ذي الحجة”.
وإذا تأمَّل الفاضل اللَّبيب هذا الجواب وجده شافيًا كافيًا؛ فإنه ليس من أيام العمل فيها أحب إلى الله من أيام عشر ذي الحجة، وفيهما يوم عرفة ويوم النحر ويوم التروية، وأما ليالي عشر رمضان فهي ليالي الإحياء التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحييها كلها، وفيها ليلة خير من ألف شهر”. أ.ه

فهذه الأيام موسم عظيم منن مواسم الخيرات، ينبغي على المسلم أن يحرص على استغلالها بالطاعات والقربات إلى الله تعالى.
نسأله بمنه وكرمه أن يغفر لنا ذنوبنا، ويهدينا لأفضل الأقوال والأعمال، وأن يتقبلها منا، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

(*) لله تعالى أن يقسم بما شاء من مخلوقاته، قال الإمام النووي في شرح صحيح مسلم : فإن قيل فقد أقسم الله تعالى بمخلوقاته، كقوله تعالى: والصافات صفاً، والذاريات، والطور، والنجم، فالجواب أن الله تعالى يقسم بما شاء من مخلوقاته تنبيها على شرفه.
لكن لا يجوز للمخلوق أن يقسم بغير الله تعالى؛ لأن القسم نوع من التعظيم الذي لا يجوز إلا لله تعالى، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (لاَ تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ وَلاَ بِأُمَّهَاتِكُمْ وَلاَ بِالأَنْدَادِ وَلاَ تَحْلِفُوا إِلاَّ بِاللَّهِ وَلاَ تَحْلِفُوا بِاللَّهِ إِلاَّ وَأَنْتُمْ صَادِقُونَ) رواه أبو داود.
(**) أما الأيام المعدودات هي أيام التشريق، قال تعالى: {وَاذْكُرُواْ اللّهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ…} [البقرة:
قال القرطبي _رحمه الله_ في “تفسيره”: “ولا خلاف بين العلماء أن الأيام المعدودات في هذه الآية، هي أيام منى، وهي أيام التشريق، وأن هذه الأسماء واقعة عليها، وهي أيام رمي الجمار، وهي واقعة على الثلاثة الأيام التي يتعجل الحاج منها في يومين بعد يوم النحر”.
وقال النووي _رحمه الله_ في “المجموع”: “اتفق العلماء على أن المعدودات هي أيام التشريق”.

المقالات المنشورة هي لأعضاء الهيئة، وتعبر عن آراء كاتبيها، ولا تعبر بالضرورة عن رأي الهيئة

أيّام عشرة ذي الحجة

أيّام عشرة ذي الحجة

فرض الله سبحانه وتعالى الكثير من الفرائض التي يجب على جميع المسلمين أدائها كالصلاة وصيام رمضان وغيرها من الفرائض، وعند ترك المسلم لأي فرض من هذه الفرائض فإنّه يأثم على ذلك ويأخذ السيئات ويكون مصيره نار جهنم، وهناك بعض الأعمال الأخرى التي إذا قام بها المسلم يؤجر عليها، وتكون وسيلة للتقرّب إلى الله سبحانه وتعالى، ولكنّ ترك هذه الأعمال لا يؤثم على تركها المسلم كالنوافل والسنن، ومن هذه النوافل الصيام من غير أيام رمضان وصلاة الضحى وصيام العشرة من ذي الحجة وصلاة الوضوء، وسوف نقوم بعرض فضل صيام العشرة من ذي الحجة.
فضل صيام عشرة ذي الحجة

أن الله سبحانه وتعالى أقسم بهذه الأيام، وهذا دليل على عظمتها وفضلها ومكانتها، لذلك يجب على كل مسلم اغتنام هذه الفرصة العظيمة وعدم تضييعها، لما لها من أجر عظيم في الدنيا والآخرة.
يكثر في هذه الأيام ذكر اسم الله سبحانه وتعالى.
شهادة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بفضل وعظمة هذه الأيام، وقيامه بهذه الأيام.
وجود يوم عرفة من ضمن هذه الأيام العشرة، فهذا دليل على عظمة هذه الأيام، ففي هذا اليوم تغفر جميع الذنوب التي قام بها المسلم طوال العام الماضي.
وجود يوم النحر في هذه الأيام، وهو من أهمّ الأيام عند المسلمين، حيث يتقرّب المسلمون لله بذبح الأضاحي.
في هذه الأيام العظيمة تجتمع جميع الطاعات التي يقوم بها المسلمين، وتسمّى بأمهات العبادات وهي الصلاة والصيام والزكاة والحج، فاجتماع هذه الطاعات، أكبر دليل على عظمة هذه الأيام.

فضل العمل بعشرة ذي الحجة

أيّ يعمل يقوم به المسلم في هذه الأيام، هو أحبّ إلى الله تعالى من أي عمل العمل، وإذا أحبّ الله تعالى عملاً في هذه الأيام فهو الأفضل عنده، والمسلم الذي يعمل في هذه الأيام أفضل عند الله من المجاهد في سبيل الله الذي يرجع بنفسه وماله، وأي عمل صالح في هذه الأيام سوف يتمّ مضاعفته ومضاعفة الأجر عليه، وهناك الكثير من الأعمال المستحب القيام بها في هذه الأيام وهي:

أداء مناسك العمرة، فأفضل وقت للقيام بها في العشرة من ذي الحجة.
أداء الصلاة فهي من أعظم الأعمال التي يقوم بها المسلم.
كثرة التكبير، والتهليل، والذكر، والتحميد، والتسبيح، والاستغفار، فهي من الأعمال المستحب القيام بها في هذه الأيام.
إخراج الصدقات، فلها أجر عظيم في هذه الأيام العظيمة.وللمزيد زوروا موقعنا “لحظات”

اية ابراهيم

ايه ابراهيم كاتبة مقالات لدي موقع لحظات اعمل فى مجال الكتابة المقالات من 3 سنين السن 23 سنة التواصل عبر صفحة اتصل بنا فقط:

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى